الاتحاد الأوروبي يدرس تعليق العقوبات على سوريا تدريجيًا 

يدرس الاتحاد الأوروبي إمكانية تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا بشكل تدريجي، بهدف دعم جهود تحقيق انتقال سياسي مستدام في البلاد، مع الحفاظ على قدر من التأثير الدبلوماسي، وفقًا لوثيقتين داخليتين اطلعت عليهما وكالة "رويترز".

ومن المقرر أن يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم المرتقب في بروكسل بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني الجاري احتمال تعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا.

وجاءت هذه التطورات عقب مراجعة العواصم الأوروبية لسياساتها تجاه سوريا، بعد الإطاحة ببشار الأسد من قبل فصائل المعارضة في 8 ديسمبر الماضي.

تشير الوثائق، التي أعدها الجهاز السياسي الخارجي للاتحاد الأوروبي قبيل اجتماع الوزراء، إلى الخيارات المطروحة لدعم عملية الانتقال السياسي في سوريا، مع تقديم خارطة طريق لتخفيف العقوبات المفروضة على البلاد.

وبحسب خارطة الطريق المقترحة، ظهر توافق واسع بين دول الاتحاد الأوروبي بشأن ضرورة تخفيف نظام العقوبات كإشارة إيجابية لدعم السلطات الجديدة ومساندة عملية الانتقال.

في المقابل، دعت بعض الدول الأعضاء إلى توخي الحذر والاحتفاظ بقدر من النفوذ السياسي تجاه السلطات الجديدة، خشية أن تتطور الأوضاع بشكل غير متوقع. وأكدت الوثائق على أهمية اتباع "نهج تدريجي" في تنفيذ تخفيف العقوبات، لضمان التكيف مع أي مستجدات قد تطرأ.

ركزت عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا على حظر واردات النفط، ومنع الاستثمارات في قطاع النفط السوري، بالإضافة إلى تجميد الأصول التابعة للبنك المركزي السوري داخل الاتحاد الأوروبي.

ووفقًا لخارطة الطريق المقترحة، فإن بعض العقوبات الحالية، مثل تلك المتعلقة بالأسلحة أو الكيانات المرتبطة بنظام الأسد، ستظل سارية ولن يتم رفعها في المرحلة الحالية.

تشمل الخيارات التي طرحها الاتحاد الأوروبي لدعم سوريا تعزيز المساعدات الإنسانية، والعمل على إعادة الإعمار تدريجيًا، بالإضافة إلى دراسة إمكانية السماح للاجئين السوريين المقيمين في أوروبا بالسفر بين القارتين خلال الفترة الانتقالية، كجزء من جهود دعم استقرار البلاد.

مؤشرات تخفيف العقوبات

دعت ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، هي الدنمارك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وهولندا، خلال وقت سابق من الشهر الجاري، إلى تعليق العقوبات المفروضة على سوريا بشكل مؤقت في قطاعات محددة، مثل النقل والطاقة والخدمات المصرفية.

وفي هذا السياق، أشارت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، خلال مشاركتها في مؤتمر الرياض حول سوريا، إلى أن هناك توجهاً نحو تخفيف العقوبات بشكل تدريجي. لكنها أكدت في تصريحاتها أن على "الإدارة الجديدة" في سوريا أن تتبنى عملية انتقالية سلمية وشاملة تضمن حماية الأقليات كشرط أساسي لتقدم هذا المسار، وذلك وفق ما جاء في بيان مقتضب نشرته على حسابها في منصة "إكس".

وعلى صعيد متصل، كانت الولايات المتحدة قد أصدرت إعفاءً مؤقتًا لمدة ستة أشهر لبعض المعاملات مع الهيئات الحكومية في سوريا. يهدف هذا الإعفاء إلى تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية، التخفيف من أزمة الطاقة، والسماح بالتحويلات الشخصية، مما يعكس توجهًا دوليًا للتخفيف من القيود الاقتصادية على سوريا ضمن سياق إنساني وسياسي.

تداعيات اقتصادية للعقوبات

فرض الاتحاد الأوروبي، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى، عقوبات مشددة على سوريا بعد أن تصاعدت حملة القمع التي شنها الرئيس المخلوع بشار الأسد ضد الاحتجاجات المطالبة بالحرية في عام 2011 إلى صراع مسلح تحول إلى حرب مدمرة.

شهد الاقتصاد السوري انكماشًا حادًا بنسبة 85% خلال نحو 14 عامًا من الحرب، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 67.5 مليار دولار في عام 2011 إلى 8.98 مليار دولار فقط في عام 2023، وفقًا لتقديرات البنك الدولي.

كما تعرضت الليرة السورية لانهيار حاد، حيث تدهورت قيمتها من نطاق يتراوح بين 45 و54 ليرة للدولار الواحد إلى أكثر من 13 ألف ليرة في عام 2023، مما أسهم في ارتفاع معدلات التضخم إلى 140% مقارنة بـ4.8% في عام 2011. هذا التدهور الاقتصادي دفع نحو 96% من السوريين تحت خط الفقر، بعدما كانت النسبة 47.7% فقط في عام 2009، وفقًا لبيانات البنك الدولي.