
رفع قيود السحب النقدي عن فئات معينة بقرار من المركزي

أصدر مصرف سورية المركزي تعميماً جديداً يُلزم جميع المؤسسات المالية في البلاد بتمكين العملاء من السحب الكامل من حساباتهم الجارية وودائعهم لأجل، دون تحديد سقف للمبلغ أو توقيت السحب. ويدخل القرار حيّز التنفيذ اعتباراً من 5 يوليو/تموز 2025، ويشمل الحسابات المودعة بعد تاريخ 7 مايو/أيار 2025 فقط.
تفاصيل القرار
بحسب التعميم الصادر، يحق لحاملي الحسابات الجارية وودائع الأجل سحب كامل رصيدهم في أي وقت، دون أي قيود على القيمة أو الزمن. كما ألزمت التعليمات المصارف بتلبية طلبات "كسر الودائع" قبل موعد استحقاقها فوراً، مع تطبيق الإجراءات القانونية المرتبطة بذلك، مثل خصم الفوائد أو العوائد المستحقة وفق الاتفاق.
وشدد المصرف المركزي على ضرورة قيام المصارف بإبلاغ عملائها بهذه التعديلات من خلال مختلف قنوات الاتصال المتاحة. وهدد بفرض عقوبات مالية وإدارية على أي مصرف لا يلتزم بتنفيذ التعليمات، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء رقم 5/727 لعام 2024.
استثناء الحوالات وأثر القرار
وفقاً لمصدر مصرفي تحدث لصحيفة الوطن المحلية، فإن القرار لا يشمل مبالغ الحوالات المالية، التي ستُعالج ضمن الآليات المعتمدة سابقاً. وأوضح أن التعليمات تسري فقط على الأموال المودعة نقداً بعد تاريخ 7 مايو، ما يعني استثناء شريحة واسعة من الودائع السابقة.
رؤية نقدية للقرار
الباحث في الاقتصاد السياسي، الدكتور "يحيى السيد عمر"، اعتبر أن القرار خطوة محدودة الأثر، كون فعاليته ستبقى جزئية طالما أنه لا يشمل جميع الودائع. وفي منشور له على "فيسبوك"، أكد أن بناء الثقة بالقطاع المصرفي السوري لا يمكن أن يتحقق بقرار منفرد، بل يحتاج إلى سياسات متواصلة وشفافة، وتواصل مباشر مع كبار المودعين، إضافة إلى تقديم ضمانات حقيقية حول حماية أموالهم من أية قيود مستقبلية.
وأشار "السيد عمر" إلى أن المستثمرين لن يُقدموا على إيداع رؤوس أموال كبيرة دون طمأنات قانونية ومصرفية، لا سيما في ظل التاريخ القريب من القيود المالية على السحب والتحويلات.
خلفية اقتصادية وسياق إقليمي
يأتي هذا القرار وسط محاولات حثيثة من السلطات النقدية السورية لاستعادة ثقة المواطنين في الجهاز المصرفي بعد سنوات من القيود على السحب النقدي، التي فُرضت ضمن إجراءات تعسفية لضبط السيولة ومواجهة أزمات النقد الأجنبي.
وتتشابه تلك الخطوة مع سياسات مالية نفذتها دول أخرى تمر بأزمات اقتصادية، مثل لبنان في 2019، حيث تم تقييد السحب والتحويلات بشكل غير رسمي، ما أدى إلى أزمة ثقة طويلة الأمد بين المودعين والبنوك. في المقابل، لجأت مصر والأردن في السنوات الأخيرة إلى خطوات لتحرير عمليات السحب ضمن بيئة قانونية منظمة، مما ساهم جزئياً في إعادة تفعيل دور البنوك في الدورة الاقتصادية.
تحديات التنفيذ
يبقى التحدي الأكبر في تطبيق القرار فعلياً ضمن بيئة مصرفية تعاني من نقص السيولة، وتراجع في حجم الودائع، وتدهور الثقة العامة. ويتطلب نجاح هذا التوجه متابعة تنفيذية دقيقة من قبل مصرف سورية المركزي، وضمان التزام المصارف الخاصة والعامة على حد سواء.