
الاتحاد الأوروبي يعلن رفع كل العقوبات عن سوريا رسميا

في تحول سياسي بارز، أعلن الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء، 20 مايو/ أيار 2025، عن رفع جميع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، وذلك عقب اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في بروكسل. يهدف هذا القرار إلى دعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد بعد سنوات من الحرب والعزلة الدولية.
خلفية القرار الأوروبي
جاء هذا الإعلان بعد سلسلة من الخطوات التمهيدية التي اتخذها الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الماضية. ففي فبراير الماضي، تم تعليق بعض العقوبات المتعلقة بقطاعات الطاقة والنقل والبنوك، بما في ذلك رفع القيود عن خمسة كيانات مالية وشركات نقل سورية. كما تم السماح بتوفير الموارد المالية للبنك المركزي السوري، وتقديم إعفاءات مالية وإنسانية لتسهيل المعاملات المصرفية بين سوريا والدول الأعضاء.
وأكدت "كايا كالاس"، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الهدف من هذه الخطوات هو "ضمان توفير فرص عمل وسبل عيش للشعب السوري، مما يسهم في استقرار البلاد".
التزام بشروط حقوق الإنسان
على الرغم من رفع العقوبات الاقتصادية، شدد الاتحاد الأوروبي على استمرار العقوبات المفروضة على الأفراد والكيانات المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان خلال فترة حكم النظام السابق. كما تم التأكيد على إمكانية إعادة فرض العقوبات في حال حدوث تراجع في الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
تأثيرات القرار على الاقتصاد السوري
يُتوقع أن يسهم رفع العقوبات في تحسين الوضع الاقتصادي المتدهور في سوريا، حيث تشير التقديرات إلى أن أكثر من 90% من السكان يعيشون تحت خط الفقر، وأن الاقتصاد السوري تقلص إلى حوالي 21 مليار دولار، مقارنة بـ60 مليار دولار قبل الحرب.
كما أعلنت البنك الدولي عن تسوية ديون متأخرة على سوريا بقيمة 15.5 مليون دولار، مما يجعل البلاد مؤهلة للحصول على قروض جديدة تهدف إلى دعم إعادة الإعمار وتحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء.
دعم دولي متزايد
يأتي القرار الأوروبي بعد إعلان الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في 13 مايو/ أيار الجاري عن رفع جميع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، مشيرًا إلى أن "الوقت قد حان لمنح سوريا فرصة جديدة".
كما أعربت دول عربية، مثل السعودية وقطر، عن دعمها للخطوات الدولية الرامية إلى إعادة دمج سوريا في المجتمع الدولي، مع تقديم مساعدات مالية واستثمارية لدعم عملية إعادة الإعمار.
ردود الفعل المحلية والدولية
رحب السوريون بالقرار الأوروبي، معبرين عن أملهم في أن يسهم في تحسين الأوضاع المعيشية وفتح آفاق جديدة للتنمية الاقتصادية. من جانبها، أكدت الحكومة السورية التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد.
في المقابل، أعربت بعض الدول، مثل إسرائيل، عن قلقها من التقارب الدولي مع سوريا، مشيرة إلى مخاوف من تعزيز نفوذ جهات تعتبرها معادية في المنطقة.
نظرة مستقبلية
يمثل رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا خطوة مهمة نحو إعادة دمج البلاد في النظام الدولي، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة فيما يتعلق بتحقيق المصالحة الوطنية، وإعادة بناء الاقتصاد المدمر. إذ يتطلب الأمر جهودًا مشتركة من الحكومة السورية والمجتمع الدولي لضمان تحقيق تقدم مستدام في هذه المجالات.
مع هذه التطورات، تفتح أمام سوريا فرصة تاريخية للانتقال من مرحلة الصراع إلى مرحلة البناء والتنمية، بشرط الالتزام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية الضرورية لضمان مستقبل أفضل للشعب السوري.